أنواع الحسابات

ماذا كان سيحدث لو تشارك العالم العملة ذاتها؟
تم النشر في Feb 13, 2022

image

لماذا لا يوجد لدينا عملة عالمية واحدة؟ قد يكون هذا السؤال قد خطر ببالك مرة أو مرتين من قبل، لكنه شغل تفكير الاقتصاديين والمفكّرين منذ وقت.


هل هذا أمر ممكن؟ إذا كانت الإجابة (نعم)؛ فما هي مزايا وعيوب وجود عملة موّحدة؟


تاريخياً، حين يجتمع الاستقرار والتطلعات السياسية في مكان واحد؛ فإنه غالباً ما تكون هناك محاولات من الدول ذات النفوذ لفرض عملتها. فقد وجدت جميع الحضارات العظيمة على مر العصور، مثل الإمبراطوريتين البريطانية والصينية، أن إجراء التداولات العالمية باستخدام عملتها هو أمر مهم جداً بالنسبة لها من أجل فرض سيطرتها.


أما في القرن الماضي فقد ظهر نهج أكثر دبلوماسية فيما يتعلق بدمج السياسات النقدية، حيث وجدت الدول الإقليمية مصالح مشتركة في تشارك العملة ذاتها دون الحاجة إلى أن تقوم دولة بفرض عملتها على أخرى؛ وخير مثال على ذلك هو الاتحاد النقدي الأوروبي الذي حقق نتائج باهرة حتى العقدين الماضيين. وتخطط بعض الدول الإقليمية الأخرى المتجاورة اتخاذ خطوة مماثلة؛ مثل دول اتحاد شرق أفريقيا ومجلس التعاون الخليجي. لكن لماذا لم تكن هناك جهود جادة لطرح عملة عالمية موحدة حتى الآن؟


سيكون من غير العادل الافتراض أن عدم وجود محاولات لتبني عملة دولية واحدة هو لأنها غير مجدية. بل على العكس، فإن تخصيص عملة واحدة تناسب الجميع ضمن اتحاد تنظيمي واحد يمكن أن يكون له آثار جوهرية وجذرية كبيرة على كل جانب من جوانب الحياة؛ ابتداءً من التجارة ومعدلات التضخم والمخزون النقدي ووصولاً إلى كيفية إدارة الأسر والأفراد لنفقاتهم. ومع ذلك، يبدو أن العالم ليس في عجلة من أمره لاتخاذ أي إجراء جاد. ونظراً لأن هذا الطرح قد يبدو معقّداً، فسيكون تطبيقه صعباً للغاية.



ما الفوائد التي سنجنيها من اعتماد عملة عالمية واحدة؟


على الرغم من وجود بعض التعقيدات فيما يتعلق بتطبيق هذه الفكرة، إلا أنه لا تزال هناك فوائد واضحة للعيان في حال وجود عالم تحكمه عملة واحدة. منها:


  •  تدفّق التجارة الحرة لأن الرسوم الإضافية على الواردات والصادرات ستتلاشى.
  •  توقُّف التلاعب بالأسعار مثل تخفيض قيمة العملات الوطنية لزيادة الصادرات.
  •  التضخم لن يُشكّل تهديداً بعد الآن؛ لا سيّما للدول النامية التي تتأثر به بشكل كبير.
  •  التقلبّات في أسعار العملات ستختفي؛ مما سيساعد الشركات على إدارة أموالها بشكل أفضل.
  •  رسوم صرف العملات والوسطاء ونفقاتهم سيتم إلغاؤها.
  •  الأموال سيتم استخدامها بشكل أفضل مع إلغاء رسوم صرف العملات.
  •  المنافسة ستزداد وبالتالي سيرتفع مستوى الخدمات وجودتها.
  • ما عيوب تبني عملة عالمية؟


لا يبدو أن جميع الامتيازات المذكورة أعلاه ستكون كافية لاعتماد هذه الفكرة؛ نظراً لوجود بعض السلبيات؛ فما هي؟


  •  الدول لن يكون لها أي سلطة على سياستها النقدية مثل القيام بتعديل أسعار الفائدة وتكاليف التعدين.
  •  السياسات سيكون لها تأثيرات متباينة على العديد من الدول ذات الموارد ومعدلات الاستهلاك المختلفة.
  •  الرواتب ستختلف بشكل كبير وغير عادل بحسب الحد الأدنى للأجور في مختلف المجالات.
  •  الاقتصادات الكبرى ستعترض على فقدان استقلاليتها النقدية، وستحاول مواجهة ذلك.
  •  الاقتصادات الصغيرة سيكون لها حضور ضئيل في اتخاذ قراراتها المصيرية التي تؤثر عليها بشكل مباشر.
  •  الأسواق والشركات التي تعتمد على تقلّبات الأموال والعملات ستختفي؛ كما في مجال تداول العملات الأجنبية.
  •  قلة من الدول القوية ستُمسك بزمام السيطرة والتحكم بغالبية العالم.


أخيراً؛ لا يمكننا قبول فكرة تبني عملة عالمية واحدة دون التطرق إلى العملات الرقمية خاصة وأن لها مستقبلاً واعداً لأن تصبح عملات عالمية محتملة، وما يعزز من هذه الفكرة هو أنها محمّية من سياسة التيسير الكمّي (النقدي)، ومن التلاعب بأسعارها، بالإضافة إلى أنه يتم إجراء الصفقات والعملات من خلالها دون الحاجة لدفع رسوم. ومع بدء قيام الأفراد في جميع أنحاء العالم باستخدام البيتكوين بشكل أكبر يوماً بعد يوم، أصبح توجه الدول إلى اعتماد عملة موحدة يبدو أكثر منطقية، في حين أن الهيئات الرقابية الحكومية تراقب ما يجري دون أن يكون لديها القدرة على إحداث أي تغيير أو القيام بأي دور فعّال في هذا الصدد.


ومع ذلك؛ فإنه سيكون من الصعب على البيتكوين، أو أي عملة رقمية أخرى، أن تنجح في هذا المسعى؛ في ظل عدم وجود دعم واسع وجهود كبيرة من قبل الحكومات.


والسؤال هنا: هل ستؤدي مثل هذه العقبات إلى إغلاق أبواب الأمل أمام وجود عملة عالمية مستقبلية؟ ربما؛ لكن بصيص الأمل لا يزال موجوداً نظراً للتطور التكنولوجي المستمر؛ حيث قد يتم طرح أفضل نظام عملة على الإطلاق؛ مما قد يؤدي إلى تغيير الطريقة التي نفكر فيها تجاه المال.